الثورات المصرية والقوى السياسية : دراسة ثورتي 25 يناير و30 يونيو

\"\"

شهدت بدايات القرن الواحد والعشرين ثورة يناير 2011، ثورة ثار فيها الشعب على نظام الرئيس مبارك الذي حقق بعض الأنجازات الداخلية المحدودة طيلة ثلاثين عاماً من الحكم، مقابل أنتشار الفساد، والرشوة والقهر، والعديد من الأمراض الاجتماعية كالفقر، وتدني الخدمات التعليمية والصحية، والنقل وأيضاً أنتشار العشوائيات، والأستخدام المفرط للقوة من قبل رجال الشرطة ضد فئات الشعب محتمين بأستمرار العمل بقانون الطواريء طيلة ثلاثين عاماً.

وكذلك نجد أن الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية تحتل مركزاً هاماً من مراكز العملية السياسية في معظم النظم، وتعد هذه القوى الوسيلة التي يستطيع عن طريقها الطبقات والمحليات العنصرية وغيرها السعي إلى تحقيق أهدافها، كما تعمل هذه القوى في المجتمعات الديموقراطية كأدوات لحل الصراعات، وتمثيل المصالح المختلفة. فضلاً عن أن كثيراً من ضروب النشاط السياسي الذي يمارسه المواطنون يتم من خلال هذه القوى السياسية المختلفة.

ولم يتنه النضال بإسقاط مبارك ونظامه بل أمتد حتى 30 يونيو 2013 حيث أتحدت وأتفقت جميع القوى السياسية المختلفة على القضاء على الإخوان المسلمين وإنهاء حكمهم.

ومن هنا جاء اهتمام الباحثة سمر جمال عبدالقادر في أطروحتها \”الثورات المصرية والقوى السياسية في مصر دراسة ثورتي 25 يناير و30 يونيو \”دراسة تحليلية\” لنيل درجة الماجستير، قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة دمنهور .

وتهدف الدراسة إلى (تحديد دور القوى السياسية المختلفة التي شارك في 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013، وذلك من خلال التعرف على دور هذه القوى ونشأتها والظروف التي جعلت لها دور في الشارع المصري)، وذلك من خلال عمل مقابلات مع قيادات أحزاب وسياسيين.

وهكذا نجد أن الدراسة تنتمي إلى نمط \”البحوث التحليلية التاريخية\”، وبناءاً على نوع الدراسة، قد تبنت الباحثة نوعين من المناهج، وهما: (المنهج التاريخي، والمنهج التحليلي). كما أعتمدت الباحثة على دليل المقابلة كأداة لجمع البيانات، فقد قامت بإجراء مقابلات متعمقة ومقننة مع قيادات حزبية وسياسيين من أحزاب مختلفة بواقع 15 فرد.

ويتمثل مجتمع الدراسة في القوى السياسية في مصر متمثلة في (الأحزاب السياسية، والحركات الاجتماعية والسياسية)، فهي المجتمع التي قامت عليه الدراسة الحالية، أما بالنسبة للفئة التي تمت معهم المقابلات فهُم قد تمثلوا في قيادات حزبية وسياسيين بواقع (15 من القيادات والسياسيين)  وأفراد غير منتمين لأي حزب سياسي أو حركة بواقع (20 فرد). ولقد استغرقت الدراسة الميدانية تقريباً خمس أشهر، من الفترة 1/11/2018 حتى الفترة 15/4/ 2019، تضمنت تحكيم دليل المقابلة، وتطبيقه، وتحليل البيانات.

وقد انقسمت نتائج الدراسة الحالية إلى قسمين (نتائج نظرية، ونتائج ميدانية)، والتي سيتم عرضها كالآتي:

نتائج على المستوى النظري

  1. دور القوى السياسية المختلفة خلال ثورتي 25 يناير و 30 يونيو. أولاً دور الأحزاب والحركات في ثورة 25 يناير لم يمكن أغفال دورها في التعبئة والحشد وحث الأفراد العاديين على النزول وكان دورهم محدود على التوعية كما أن الحركات الاجتماعية والسياسية التي ظهرت على الساحة المصرية لم يكن لها دور في الشارع بل كان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي \”تويتر والفيس بوك\”. وأن من أهم الحركات وأكثرها تأثير في الشارع المصري هي حركة 6 أبريل حيث كانت دعوتها للتظاهر يوم 25 يناير مستمر منذ عام 2009 وتنادي بها، وفي عام 2011 قامت صفحة كلنا خالد سعيد بالاتفاق والتنسيق مع حركة 6 أبريل بالدعوة ليوم 25 يناير.

في ثورة 30 يونيو 2013 كان دور الأحزاب أكثر فاعلية وتأثيراً من 25 يناير حيث قامت الأحزاب السياسية والحركات المعارضة للرئيس محمد مرسي بتحديد موعد التظاهر قبل بضع أسابيع، حيث طالب المتظاهرون رحيل محمد مرسي ونهاية حكم الإخوان. وكان لبعض الحركات أثر كبير في 30 يونيو حيث قامت حركة تمرد التي تكونت في يوم 26 أبريل 2013 بجمع توقيعات المصريين لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وأيضاً إلاعلان عن أنتخابات رئاسية مبكرة. وقد استطاعت أن تجمع 22 مليون استمارة لإنهاء حكم جماعة الإخوان.

\"\"

  1. أهم التغيرات التى طرأت على القوى السياسية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو. لم تكن التغيرات التي طرأت على القوى السياسية نتيجة لعوامل خارجية بل كانت من داخل الحزب أو الحركة نفسها فبعد 25 يناير وضع الشعب آمالاً كبيرة على هذه النخب السياسية وذلك لقيادة التحول السياسي والديمقراطي، والعبور بمصر لبر الأمان ولكن كل هذه الآمال تبخرت ولم يعد لها وجود وذلك لفشلهم ليس فقط في قيادة الوضع السياسي والحياة السياسية وإنما فشلهم في قيادة أحزابهم، التي سرعان ما انهارت وتفككت من الداخل بسبب الخلافات الشخصية التي سيطرت على المشهد العام.
  2. طبيعة العلاقة بين تغير السلطة والتغير السياسي الذي يحدث داخل النظام السياسي المصري بالمكانة السياسية والوجود السياسي للقوي السياسية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. فقد كانت جماعة الإخوان المسلمين من أكبر القوى المعارضة لسياسات محمد حسني مبارك. وعلى الرغم من كونها محظورة، فإنه مع هذا شاركت في الحياة السياسية بشكل كبير، كما كان عدد الأحزاب الموجودة قبل 25 يناير حوالي 24 حزباً لم يكن لها فاعلية باستثناء الحزب الوطني التابع للحكومة. كما أعلنت قيادات الجماعة ومكتب الإرشاد أنهم لن يشاركوا في الثورة كجماعة وتنظيم سياسي، بل أعلنت أنها ليست مسئولة إذا شارك بعض من شبابها في الثورة فهم يمثلون أنفسهم فقط.
  3. أن القضاء على النظام السياسي لا يكون فقط بالقضاء على رموز النظام، بل إنه يوجد أيضاً أحزاب ومؤسسات حكومية وأهلية، وأصحاب مصالح قد يكونون جزءاً من ثورة لعودة النظام، وعلى الرغم من مغادرة الرئيس مبارك المشهد السياسي، لكن تظل تركيبة الدولة العميقة التي أرساها ما زالت موجودة وقائمة.

نتائج على المستوى التحليلي

وفي ختام دراسة وتحليل ما أنتهت إليه الدراسة في فصولها التحليلية  فقد توصلت إلى العديد من النتائج:-

  1. أن الأحزاب السياسية لم يكن لها دور فعال كما كان للحركات السياسية والاجتماعية فقد كان للحركات الدور الأكبر في 25 يناير بل ويمكن اعتبارها المحرك الأساسي وأعدت لذلك ولا سيما \”6 أبريل_ ودورهم أقوى من القوى السياسية والدينية الأخرى.
  2. أن جماعة الإخوان المسلمين لم تشارك منذ بداية الثورة، وأعلن رسمياًَ عدم مشاركتها، ولكن اشترك منها بعض الأفراد بشكل شخصي مستقل ومنفصل عن الجماعة، وبعد أن تأكدت من نجاح الثورة أعلنت انضمامها للثورة يوم 28 يناير.
  3. أن بعض الأحزاب التي ظهرت بعد 25 يناير لم يكن لها دور واضح في الشارع المصري منذ بداية الثورة على سبيل المثال (جماعة الإخوان المسلمين).
  4. أن قوة المؤسسة العسكرية يعد الضمان الوحيد للحفاظ على تماسك الوطن والأمن القومي فيه، وأنها القوة الأساسية لحماية الدولة.

جدير بالذكر أن الرسالة أعدت بإشراف د. محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ  الحديث والمعاصر بجامعة دمنهور ، ود. مجدى بيومى أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة دمنهور.

المحرر الثقافي