لماذا \”555\” تحديدا؟ إنها عدد السوناتات التي وضعها الموسيقي الايطالي اللامع \”دومينيكو سكارلاتي\” المنتمي للعصر الباروكي، الذي عاصر باخ ورحل عام 1727
إنها رواية عن الموسيقى إذن، حيث تبحث هيلين جيستيرن في روايتها عن سوناتا مجهولة المصير لسكارلتي. إذ أثناء العبث ببطانة آلة التشيلو، يعثر جورج على أوراق عتيقة فيها رموز غامضة تشير إلى وجود سوناتا تعود لسكارلتي. هكذا سيصير عدد سوناتاته 556 في حال العثور عليها. .لذا ينطلق خمسة أشخاص في بحث محموم عنها، رحلة سوف تغير حياتهم للأبد. تغوص الرواية في عالم يمزج بين الكتابة والموسيقى والتشويق الذي يُبقي القارئ في حالة ترقب حتى النهاية. بالإضافة إلى الملاحظات الرائعة عن الموسيقى والموسيقيين، تقدم الكاتبة باهتمام شديد من خلال اختيار شخصيات أبطالها عوالم صانعي الآلات الموسيقية، ومرممي القطع الأثرية، والنقاد الموسيقيين، والعازفيين المغمورين. تكتب هيلين في أسلوب سلس وشاعري، تقول على لسان أحد الأبطال:
\” كنت أفكر في تعاقب الفنانيين الذين جلبوا هذه الروعة إلى الحياة على مدار الزمن؛ أفكر بمجلدات المخطوطات النادرة هذه ، التي كان من الممكن تدميرها عشرات المرات، ولكن تم نسخها بحماسة، وبالتالي تم انقاذها من فظائع النسيان لإعادة اختراعها من جيل إلى جيل. فكرت أنه في هذا العالم ، وفي تلك الساعة ، كان الغضب والكراهية يشعلان الكوكب في كل مكان تقريبًا ، وأن الناس كانوا يموتون تحت وابل الرصاص وسط محنة المجاعة والنفي. لكن ذاك المساء ، رتب جماعة من البشر مكانا للالتقاء في ملجأ النوتات الموسيقية، للتصالح، والتأمل في الفرح الخالص للتواصل الموسيقي.فما فائدة الموسيقى ، إن لم تكن لمشاركتها؟ لا أعرف شيئًا يضاهي قدرتها على إعادة صياغة أحزاننا بلغة محتملة\”
إلى جانب أن الرواية تحمل القارئ على اكتشاف عالم هذا الموسيقي العظيم، تأخذ هيلين جيسترن قارئها سواء كان مبدعًا أو مؤديًا أو عاشقًا للموسيقى في شباكها الغامضة، شباك الفن السحرية التي تؤكد على وحدة هذا العالم منذ الأزل.
تأخذه إلى عالمها المكون من أسرار يتم الكشف عنها تدريجيًا ، وثائق خفية، وشغف أصيل ، هنا شغف الموسيقى، في متاهة شخصياتها الذين يشتركون جميعًا في حب مفرط لسكارلاتي، وكما يقول جورج : \” إنها قطرات جمال متدفقة، هذه هي سوناتات دومينيكو سكارلاتي\”.
لنا عبد الرحمن
جريدة ( صوت البلد )