Description
التمدن الحديث يبتدئ تاريخه مع الرومان-كما يرى بعض الباحثين – تلك الأمة التي قهرت بسطوتها، وأدخلت تحت سلطانها أكثر العالم المعروف حينئذ، فلها الفضل الكبير في تأسيس تمدننا الحاضر على ركن التهذيب والمساواة والحرية، فالرومانيون – وإنْ لم يبلغوا الشأو الذي بلغه العرب ثم الإفرنج من بعدهم – قد أسدونا معروفًا جزيلًا باعترافهم بهذه المزايا وتعزيزهم لها، وإنْ خصوا بها أنفسهم على الغير. ولما ظهر الدين الإسلامي، وسادت دعوته على ممالك الشرق والشعوب الأفريقية، وامتدت صولتها إلى الغرب بفتوحاتها الكثيرة، صرفت من العناية في ترقية دعائم التمدن بعضدها للعلوم والمعارف، ما تشهد بسمو فضله وجليل نفعه صفحاتُ التاريخ وآثار الزمان؛ فقد كانت مدينة بغداد عاصمة ملكهم في الشرق عامرة بنوادي الأدب ومعالم العلوم، حافلة بطلبة العلم من جميع أنحاء المشرق، زاهرة بمن أمَّها من أرباب الشعر والنثر والفنون. وقد كان الخلفاء ينعمون بالأموال الطائلة على أولي العلم وأصحاب العوارف رغبة في تنشيطهم.
Reviews
There are no reviews yet.